في بداية ظهور مواقع التواصل الإجتماعي كان يتم الترويج لها على إنها مواقع هدفها الأساسي هو تقريب البشر من بعضهم البعض بهدف تحويل العالم لقرية صغيرة يشارك سكانها من خلالها ثقافاتهم المختلفة، وأخبارهم، وحتى تفاصيل حياتهم وعاداتهم اليومية. لكن مع الوقت بدأ يظهر الجانب القبيح لهذه المواقع الإلكترونية وللإنترنت بشكل عام؛ فلقد أتضح أن هذه المواقع المجانية لا تقدم خدماتها فعلاً بشكل مجاني، ولكن بدلاً من أن تأخذ منك أموالاً مقابل ما تقدمه لك، فهى تستغل شيئاً أكثر قيمة، وهى معلوماتك الشخصية.
في هذا المقال سنستعرض معكم بعض موضوع الخصوصية ومواقع التواصل الإجتماعي، وسنشارككم أيضاً بعض التعليمات للحفاظ على سرية وخصوصية صفحاتكم الشخصية بشكل أكبر.
الـ Facebook وتاريخه في الخصوصية وتسريب البيانات
منذ بداية ظهور موقع الـ Facebook للعالم، وظهرت معه العديد من المشاكل حول ما يخص خصوصية المستخدمين. وفي أكتوبر/تشرين الأول من عام 2010، كانت أكبر فضيحة لموقع الـ Facebook الشهير تتعلق بالخصوصية؛ حيث صرح عن مشاركته لبيانات المستخدمين لتطبيقات يمتلكها الموقع مثل تطبيق FarmVille و Texas Hold`em مع المُعلنين. وكانت تتضمن هذه البيانات، اسماء المستخدمين واسماء أصدقائهم. وقد كشفت وقتها صحيفة The Wall Street Journal، عن أن تسريب هذه المعلومات قد سببت أضراراً لعشرات الملايين من المستخدمين، من بينهم حتى الأشخاص التي كانت تستخدم إعدادات خصوصية صارمة للغاية.
وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2011، ظهرت فضيحة أخرى حيث تعرض الـ Facebook لإتهامات تفيد بأن الموقع قام بتسريب بيانات ومعلومات تخص المستخدمين لشركات إعلانية. وعلى الرغم من محاولات الموقع لتبرير موقفه في أنه قد سمح فقط بمشاركة بعض البيانات التي تساعد في عملية ظهور الإعلانات للمستخدمين؛ ألا أن تحقيقات لجنة التجارة الفيدرالية FTC، قد أظهرت أن الـ Facebook ساعد في تسريب جميع المعلومات الشخصية تقريباً للمستخدمين، من بينها معلومات كان يحددها المستخدم على أنها معلومات خاصة. وقد غرمت اللجنة الـ Facebook بغرامة قدرها 16 ألف دولار يومياً مقابل ما سببه من أضرار للمستخدمين، وإنتهاكه لخصوصيتهم.
ومازالت فضائح الـ Facebook مستمرة حتى يومنا هذا، ويكفي بعد كل فضيحة أن يقدم الفيسبوك إعتذاراً لمستخدميه حتى يعود كل شئ لطبيعته، كأن شيئاً لم يكن.
الـ WhatsApp يسلك نفس المسار، و Signal يستقطب الملايين
منذ أسبوعين تقريباً بدأ تطبيق الـ WhatsApp الذي يستخدمه أكثر من 1.5 مليار شخص متفاعل من جميع أنحاء العالم، بإرسال إشعارات تحديث جديدة. وقد لفتت هذه الإشعارات نظر الجميع، وبدأ الكثير من المستخدمين يصرحون عن غضبهم وإستيائهم إتجاة بعض التحديثات التي تسمح للتطبيق بشكل صريح من إنتهاك خصوصية المستخدمين ومشاركة بياناتهم مع الموقع الشريك Facebook. والجدير بالذكر أن موقع الـ Facebook قد قام بشراء تطبيق الـ WhatsApp عام 2014 مقابل 19 مليار دولار، وقد أعرب حينها العديد من الأشخاص عن قلقهم إتجاة هذه الخطوة بسبب ما يعلمه الجميع عن تاريخ الـ Facebook مع إنتهاك الخصوصية؛ فكانت هذه الإشعارات كما يعتقد البعض بمثابة تأكيداً لهذه التنبؤات التي لا تبشر بالخير.
وقد ظهرت تصريحات للـ WhatsApp عبر حسابهم الرسمي على موقع Twitter، تفيد بأن التحديثات الجديدة لا تتعلق بالخصوصية ومشاركة البيانات، بل وكما صرحت صحيفة Financial Express، أن هذه التحديثات تخص فقط مستخدمي خدمة WhatsApp Business التي يستخدمها بعض الأشخاص، وذلك تطويراً للخدمة وتسهيلاً لعمليات التواصل بين أصحاب الأعمال وعملائهم. ولكن برغم ذلك فالعديد من الأشخاص قد تملكهم الخوف والقلق، وأتجه الكثير منهم لإستخدام تطبيق أخر يبدو أنه سيكون النجم الجديد في عالم تطبيقات المحادثات، وهو تطبيق Signal.
في الحقيقة أن هذا التطبيق، الذي يتخلى من أجله الآن ملايين من مستخدمي الـ WhatsApp، ليس جديداً؛ بل أنه قد تم تأسيسيه عام 2013. وقد نال هذا التطبيق إعجاب أشخاص مشهورة في مجال الأعمال، أمثال Elon Musk و Jack Dorsey الرئيس التنفيذي لموقع Twitter. وقد غرد Elon Musk على حسابه الشخصي على Twitter بدعوة لإستخدام تطبيق Signal، وقد حصلت التغريدة حتى الآن على أكثر من 60 ألف إعادة تغريد.
وما يميز هذا الموقع هو إمتلاكه لبروتوكول تشفير خاص به، مما يجعله من أكثر التطبيقات الآمنة للإستخدام، والتي تحافظ على خصوصية ومعلومات مستخدميه.
وفقاً لتقرير صحيفة CNN Business ليوم 13 من الشهر الحالي؛ فأنه خلال 4 أيام فقط قد حصل التطبيق على 7.3 مليون تحميل حول جميع أنحاء العالم. وقد تصدر التطبيق المركز الأول في قائمة التطبيقات المجانية الأكثر تحميلاً على كلاً من Google Play و App Store، ومازالت أعداد تحميل تطبيقات مثل Signal و Telegram تستمر في الزيادة؛ وعلى الجانب الأخر، تتوقع العديد من المصادر خسارة الـ WhatsApp لملايين من المستخدمين خلال الفترة القادمة خصوصاً مع إعلان التطبيق عن إغلاق الحسابات التي لن تقوم بتفعيل التحديثات الجديدة قبل يوم 8 فبراير/شباط القادم.
حماية الخصوصية..مسؤولية لا يدركها الكثيرون
يلوم العديد من الأشخاص مواقع التواصل الإجتماعي بسبب إنتهاك الخصوصية وسرقة البيانات وبيعها؛ ولكن هؤلاء الأشخاص لا يدركون أن حماية الخصوصية ليست مسؤولية مواقع التواصل الإجتماعي فقط، بل هى مسؤوليتهم هم أيضاً. فأنت من تحدد ما تريد مشاركته من خلال هذه المواقع، وتختار بكامل إرادتك عرض بعض المعلومات الشخصية التي من الممكن أن يتم إستغلالها ضدك بشكل سئ.
لذلك سنشارككم بعض النصائح التي نشرتها صحيفة Business News Daily، حول كيفية حماية بياناتك أثناء إستخدامك للتطبيقات ومواقع التواصل الإجتماعي:
1. حافظ على خصوصية معلوماتك الشخصية
ينصح الخبراء بضرورة عدم مشاركة معلومات تفصيلية عن حياتك الشخصية، مثل: عنوان منزلك، رقم هاتفك، رقم بطاقتك الإئتمانية، عنوان مقر الدراسة أو العمل، أو غيرها من المعلومات الحساسة التي من الممكن أن تعرضك للإستغلال. ويمكنك فقط ذكر بعض المعلومات عنك بشكل عام أو تقرر عدم مشاركة الكثير من المعلومات؛ فطلب مواقع التواصل الإجتماعي لمعلومات تفصيلية عنك لا يعني ذلك بالضرورة أنه يجب مشاركتها.
2. قم بتفعيل إعدادات خصوصية أكثر صرامة
إذا كنت ستشارك بعض المعلومات الشخصية على حساباتك، فأنه ينصح بتفعيل إعدادات خصوصية صارمة أكثر، وذلك لتجنب إستغلال هذه المعلومات في أي وقت في المستقبل.
3. لا تشارك موقعك الحالي
نرى العديد من الأشخاص يشاركون أماكن تواجدهم على مواقع التواصل الإجتماعي بإستخدام خاصية الـ Location tag، ولكن مشاركة مثل هذه المعلومة طوال الوقت، تجعل من السهل على مخترقي الإنترنت تتبع تحركاتك ومعرفة أماكن تواجدك.
4. أحذر من تضيفه في قائمة “الأصدقاء”
إذا كنت ممن يهتمون بخصوصية معلوماتهم الشخصية، فإضافتك لأشخاص لا تعرفهم جيداً في قائمة الأصدقاء من الممكن أن يعرضك لسرقة هويتك وإستخدامها في أفعال تضر بصورتك المجتمعية أو حتى في جرائم قد تعرضك للمسائلة القانونية. لذلك ينصح الخبراء بعدم إضافة أي شخص لا تعرفه جيداً على أرض الواقع.
5. تأكد دائماً من تسجيل الخروج
عند إستخدامك لجهاز في مكان عام مثل مكتبة أو فندق، أو حتى عند إستخدامك لأي جهاز لا تملكه، يجب أن تتأكد دائماً من تسجيل الخروج من حسابات التواصل الإجتماعي الخاصة بك. فعدم تسجيل الخروج يجعل من السهل لأي شخص التطفل على معلوماتك أو حتى سرقة حساباتك وإستخدامها بشكل سئ.
6. أستعمل كلمات سر قوية
إستعمالك لكلمات سر ضعيفة يعرضك لخطورة إختراق حساباتك الشخصية وسرقة بياناتك. لذلك تأكد من أن تستخدم كلمات سر قوية وأن تكون مكونة من حروف وأرقام ورموز، وتجنب إستخدام كلمات معروفة للعامة مثل اسمك أو عنوانك أو تاريخ ميلادك.
7. إستخدم برامج للحماية
أثناء تصفحك للإنترنت أو نقرك على أحد الروابط التي قد يرسلها لك شخص ما، من الممكن أن يتم إختراق حساباتك أو حتى جهازك الشخصي. لذلك تأكد دائماً من إستخدام برامج حماية وبرامج antivirus قوية.
أخيراً؛
من الضروري إدراك أن إستخدامك لمواقع التواصل الإجتماعي حتى مع إتباع تعليمات حماية الخصوصية، لا يخلو من فرصة حتى لو ضئيلة أن يتم إختراق حساباتك أو سرقة بياناتك الشخصية في أي وقت وبواسطة أي شخص. وعلى الرغم من ذلك فأن هذه المواقع قد توفر لك العديد من الخدمات مثل التواصل مع أشخاص جديدة، الحصول على وظيفة جيدة، أو الوصول للمعلومات القيمة التي من الممكن أن يشاركها بعض المستخدمين. فإذا كنت تريد الإستمرار في إستخدامك لهذه المواقع، يجب أن تقبل وجود ولو فرصة صغيرة لإنتهاك خصوصيتك؛ لكن إذا كنت من هؤلاء الذين يهتمون للغاية بخصوصية معلوماتهم الشخصية فالخبراء ينصحونك بعدم إستخدام هذه المواقع على الإطلاق.
شاركنا برأيك حول ما يتعلق بقضية الخصوصية على مواقع التواصل الإجتماعي، وإذا أعجبك المقال لا تنسى مشاركته مع أصدقائك، وتابعونا في مقالاتنا القادمة.